هل نعيش عصرًا قلّ فيه شعورنا بالأمان؟
بقلم: إد أموري، الرئيس التنفيذي
قبل أسبوعين، كنت في جنوب إفريقيا، والتقيت بزملائي في العاصمة جوهانسبرج. ناقشنا الوضع السياسي والاقتصادي والأمني المتقلب في هذا البلد، وبدا الكثير ممن التقيت بهم إيجابيين بشأن المستقبل، ومتحمسين لتأمين حياة أفضل لأنفسهم وأسرهم. كانت إجابتهم جميعاً تتلخص بعبارة واحدة هي “المرونة في التعامل مع الظروف”. لقد عانت البلد من ظروف صعبة لفترة طويلة، وقد تكيف الناس هناك، واستغلوا هذه الظروف الصعبة بأفضل شكل ممكن.
لا شك بأنها تجربة يمكننا أن نتعلم منها جميعاً. بالمقابل في السنوات القليلة الماضية، تغيرت حياة أولئك الذين يعيشون في أوروبا بشكل كبير، حيث انخفضت ثقتهم نسبياً في المستقبل. وعلى الرغم من وجود أنظمة الرعاية الصحية المتطورة، ومستويات المعيشة المتزايدة باطراد، والأمن السياسي والعسكري، لكننا ذهبنا إلى الاتجاه المعاكس.
وفي هذا الصدد، قد يتبادر للكثير من الناس بأنه المحتمل أن يكون أطفالنا أسوأ حالًا منا اقتصاديًا. لقد واجهنا جائحة صحية عالمية جعلت الناس في أوروبا يواجهون حقيقة مفادها أن الطب الحديث لا يمكنه توفير الحلول لكل الأمراض. في بريطانيا، توقف متوسط العمر المتوقع، حتى مع استبعاد كوفيد، من الارتفاع التصاعدي المطرد (هناك تفاوت في متوسط العمر المتوقع يعتمد على العرق والوضع الاقتصادي). كما انخفضت مؤشرات الصحة العقلية، وأصبح الأفراد والشركات يشعرون بشكل متزايد بالضعف فيما يتعلق بالأمور المالية. فقد تم تخفيف الزيادات الأولية في تكلفة المعيشة بالنسبة للكثيرين من خلال زيادة المدخرات خلال كوفيد. وقد جاء ذلك كله نتيجة لأول اختبار حقيقي يواجه الناس على مدى حياتهم.
وعلى الجانب السياسي، كافح السياسيون لإيجاد استجابات مناسبة لهذه الضغوط. في بريطانيا، تسبب حزب المحافظين، وهو مؤسسة كانت تتسم بالهدوء والكفاءة في الحكم في بعض الأحيان، في حدوث أزمة مالية وتبديل ثلاث رؤساء وزارة في عام. وفي فرنسا، أدى القرار المنطقي لرفع سن التقاعد إلى أعمال شغب في جميع أنحاء البلاد. وفي إيطاليا، طُرد شخص ذو خبرة تكنولوجية من منصبه لصالح شعبوي يميني لم يتم اختباره. بصورة عامة لم يستطع السياسيون تلبية طموحات ناخبيهم.
إن السؤال المطروح هنا يكمن بمدى الاستجابة العقلانية لهذه الأزمة. للإجابة عن هذا التساؤل نحن بحاجة إلى النظر بعناية في سلسلة التوريد وراء الإمدادات الحيوية مثل الغذاء والأدوية ومكونات الحاسوب والطاقة والمعدات العسكرية. فعلى سبيل المثال إذا كان الغاز يأتي من أوروبا الشرقية أو الأدوية من الصين، فهناك علامات استفهام حول موثوقية سلسلة التوريد، لذلك نحن بحاجة إلى تعلم التفكير فيما وراء العولمة.
ثانياً، الشعور بعدم الأمان. نحن بحاجة إلى رعاية الأفراد وكذلك الشركات التي خرجت عن مسارها بسبب كل هذا التغيير، ودعمهم – معنوياً ومادياً – أثناء تعلمهم للتكيف. كأفراد وكأعمال وكدول، سنتعلم جميعًا بمرور الوقت كيفية التحلي بمزيد من المرونة. لكن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها، وسنحتاج إلى الدعم والتوجيه لجعل هذه الرحلة واقعًا ملموسًا.
وفي الختام، أودّ الإشارة إلى أنه خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، سينظر خبراء من إنستنكتيف بارتنرز في قابلية التأثر والأمن في سياق ست قطاعات رئيسية هي: الصحة، والغذاء، والمناخ، والطاقة، والتمويل، والتكنولوجيا. وهدفنا هو تسليط الضوء على التحدي وتقديم وجهة نظر ثاقبة حول كيفية المضي قدمًا.